أخطَاءُ الصَّائمينَ
إن الصائمين رغم تلبسهم بهذه الطاعة الجليلة ، وما هم فيه من خير وبركة ، تبدو منهم بعض الأخطاء والمزالق التي تجانب
الصيام ، وتعكر صفوه وتحط من قدره وتنقص أجره .
الصائمون عباد الله استسلموا وأنابوا إلى ربهم ، يرجون رحمته ويبغون ثوابه ، ويحزننا أن يصدر من بعضهم أقوالاً وسلوكيات تنافي مقصود الصيام وما فيه من تعبّد وتذلّل وخشوع لله جل وعلا ، وإننا إذ نذكر هذه الأخطاء لا نطعن في الصائمين ولا نقلّل من فضلهم ، إنما ننّبه على أخطاء فئة منهم ـ والله الموفق ـ فمن تلك الأخطاء :
أولاً ـ بذاءة اللسان :
قال صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيراً أو ليصمُت) (البخاري (6135) ، ومسلم (47) عن أبي هريرة .). وقال لّمعاذ رضي الله عنه : (كُفَّ عنكَ هذا) (الترمذي (2619) ، وابن ماجة (3973) .). وأشار إلى لسانه .
اللسان جالب شر على العبد في كل وقت وحين ، والعبد مؤاخذ بكل ما يلفظ به ويتكلم ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنّ الله تجاوزَ عن أمّتي ما لم تعمل أو تَكَّلم) (البخاري (2528) .) ، ويشتد خطر اللسان حال الصيام مما قد يفوّت على الصائم خيراً كثيراً لِما ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : (مَن لم يدَع قول الزور والعملَ به فليس لله حاجةً في أن يدَع طعامه وشرابه) (البخاري (1903) ، وأبو داود (2362) .).
وجرائر اللسان التي تضر بالصوم كثيرة منها : الكذب قول
الزور والغيبة والنميمة والسباب والجِدال وأشباهها ، هي
محرّمة على كل حال وفي حال الصيام آكَدُ وأشدّ .
فلماذا بعض الصائمين ـ هداهم الله ـ لا ينفرط لسانه إلا
وهو صائم ، فيفوه بما يكدّر صفو صيامه ويُذهِب حلاوته ،
فليتّقِ الله هؤلاء الصُّوام الذين صانوا صومهم من الحلال
ولم يصونوه من الحرام ، وليتذكروا عاقبة كلامهم وما يعود
به من الضرر عليهم ، وليجتنبوا هذه المحرمات وأماكنها
ومَن يحرّض ويبعث عليها أو الخوض فيها ، وقد أرشد
الشارع الحكيم عباده الصائمين إلى ما يطهر الصائم
ويحفظه ويصرفه عن تلكُم الشرور بالكلية : (فإن سابّه أحدُ
أو قاتله فليقُل إنّي امروٌ صائم(البخاري (1894) ، ومسلم (1151) .)
ثانياً ـ تضييع صلاة الجماعة :
قد اتفق أهل العلم أن صلاة الجماعة من أفضل الطاعات
وآكد الواجبات ، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا
مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة : 43] ، فواعجباً يا صائمون كيف
يستقيم صيام مَن لا يشهد الصلاة مع المسلمين أو ربما كان
لا يصلي والعياذ بالله ، فهؤلاء لن يُغني عنهم صيامهم
وإمساكهم من الله شيئاً ؟!
قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله :
ثانية الأركان للإسلامِ
تنهي عن الفحشاء والآثامِ
قرّة عين المصطفى فيها كما
عن نفسه أخبرَ نصاً مُحكما
ولم يزل مُبادراً إليها
وكم له مِن بيعة عليها
ومَن يكن صلاته قد ضيّعا
فهو لغيرها يقيناً أضيعا
ألا ترى الفسطاط يا ذا عندما
عموده يسقط منه انهدما
كذلك لم يثبت بناء الباني
بعد انهدام أعظم الأركان
فهي عمود الدين فاحفظْنها
فإنَّ أوّل السؤال عنها
إن قُبلَت يُقبل سائرُ العمل
أو لا فيا صفقة خسر لم تَقِل
تنهي عن الفحشاء والآثامِ
قرّة عين المصطفى فيها كما
عن نفسه أخبرَ نصاً مُحكما
ولم يزل مُبادراً إليها
وكم له مِن بيعة عليها
ومَن يكن صلاته قد ضيّعا
فهو لغيرها يقيناً أضيعا
ألا ترى الفسطاط يا ذا عندما
عموده يسقط منه انهدما
كذلك لم يثبت بناء الباني
بعد انهدام أعظم الأركان
فهي عمود الدين فاحفظْنها
فإنَّ أوّل السؤال عنها
إن قُبلَت يُقبل سائرُ العمل
أو لا فيا صفقة خسر لم تَقِل